رئيس مجلس الأمة يوقّع بالسجل الذهبي للمدرسة العليا للقضاء

على هامش إلقائه محاضرة بالمدرسة العليا للقضاء، بالقليعة (ولاية تيبازة)، غداة الاحتفاء بتخليد الذكرى 63 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960.. وقّع السيد المجاهد صالح ڨوجيل، رئيس مجلس الأمة، اليوم الأربعاء 13 ديسمبر 2023، على السجّل الذهبي للمدرسة، وفيها كتب:

"يسعدني أن أعرب للسيد وزير العدل، حافظ الأختام، ولأسرة القضاء، ومن خلالهم القائمين على المدرسة والمشرفين عليها عن بالغ امتناني وتقديري نظير الدعوة التي شرّفوني بها، وأشكرهم جزيلا على ذلك.. خصوصاً وأنها تتزامن وتخليد الذكرى 63 لمظاهرات 11 ديسمبر 1960 وببطولات وملاحم شعبها الكريم الذي احتضن ثورته ونافح عنها إلى أن تكلّلت بنصر مبين..

أحمد الله تعالى أنّ مدّ في عُمري، ومكّنني كمجاهد أن أشهد هذه المعلمة التي حُرمنا منها وحُرمنا من كل شيء طيلة 132 سنة من جرّاء الاستعمار الاستيطاني البغيض.. فقد تملّكني شعورٌ جميل مفعمٌ بالاعتزاز والنخوة والفخار، وأنا أتواجد بينكم في رحاب هذه القلعة التكوينية التي تعتبر بمثابة نواة حيوية لإمداد السلطة القضائية والدولة ككل بالرأسمال البشري والزاد النوعي بالنظر لطبيعة التكوين الملقّن للطلبة، وفي ذلك دلالة جليّة على الاستثمار الذي توليه السلطات العمومية لبناء نساء القضاء ورجالاته والرفع من مستواهم للوقوف بالمرصاد ضد الجرائم على اختلافها وإنفاذ القانون.. وإدراكاً منها بـأنّ العدالة هي ميزان الدولة وقسطاسها المستقيم، وتستمد سلطتها من الشعب وهي في خدمة الشعب، فضلاً عن أنّ جميع أحكامها وقراراتها تصدر باسم الشعب الجزائري..

وأنا في حضرة طلبة المدرسة، قضاة الغد، لا بدّ لي من التنويه بالمساعي التي بذلتها الجزائر الجديدة برئاسة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، في أعقاب تعديل الدستور في الفاتح نوفمبر 2020، ومن منطلق السعي إلى المضي قُدماً من أجل تحقيق روح الدستور الجديد ومبادئه بفعالية للمساعدة في تشكيل ملامح مجتمع أكثر إنتاجية على المديين المتوسط والبعيد.. فقد اختطَّت فيه الجزائر الجديدة مساراً يأخذها نحو الحداثة والعدالة الاجتماعية والحرية وحقوق الإنسان وتكافؤ الفرص والتنمية الاقتصادية المتساوية.. وحققت فيه تقدّماً معتبراً وقطعت أشواطاً ملموسة في إرساء الديمقراطية واستقلالية القضاء بما تقتضيه دولة القانون ومقاصد العدالة..

لقد مرّت علينا منذ أيامٍ قلائل الذكرى 75 للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، في زمن أضحى الدفاع عن القيم والمعايير الإنسانية - للأسف - يمارس بانتقائية، يتباكى فيه في جغرافيات ويسخر من أخرى، وأضحت الأنفس تفرّق بين إنسانية وحيوانية، في عدم اكتراث لما تعرفه الشقيقة فلسطين وغزة الصامدة الأبيّة وما يعيشه شعبها الباسل من حصار وإبادة وجرائم حرب.. وهو ما يستدعي المرافعة من أجل نظام دولي جديد يقوم على العدالة الحقّة بين الشمال والجنوب والشرق والغرب..

ختاماً، أهنّئ السلطات القضائية وأهنّئ نفسي بهذا الصرح التكويني الممتاز، وأرجو لبناتي وأبنائي الطلبة كلّ التوفيق والنجاح في مشوارهم الدراسي، وأحثّهم على الأخذ بسلاح العلم وأدوات المعرفة لمواكبة كافة التغيرات التي يشهدها عالم اليوم والغد.. وفّقكم الله وسدّد مشواركم وخُطاكم.. عاشت الجزائر حرّة سامقة أبيّة.. والمجد والخلود لشهدائنا الأبرار"